فصل: وصول جلال الدين من الهند إلى كرمان وأخباره بفارس والعراق مع أخيه غياث الدين.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وصول جلال الدين من الهند إلى كرمان وأخباره بفارس والعراق مع أخيه غياث الدين.

ولما فارق جلال الدين الهند كما قلناه سنة إحدى وعشرين وسار إلى المفازة وخلص منها إلى كرمان بعد أن لقي بها من المتاعب والمشاق مالا يعبر عنه وخرج معه أربعة آلاف راكب على الحمير والبقر ووجد بكرمان براق الحاجب نائب غياث الدين وكان من خبر براق هذا أنه كان حاجبا لكوخان ملك الخطا وسفر عنه إلى خوارزم شاه فأقام عنده ثم ظفر خوارزم شاه بالخطا وولاه حجابته ثم صار إلى خدمة ابنه غياث الدين ترشه بمكران فاكرمه ولما سار جلال الدين إلى الهند ورجع عنه التتر سار غياث الدين لطلب العراق فاستناب براق في كرمان فلما جاء جلال الدين من الهند اتهمه وهم بالقبض عليه فنهاه عن ذلك وزيره شرف الملك فخر الدين علي بن أبي القاسم الجندي خواجا جهان أن يستوحش الناس لذلك ثم سار جلال الدين إلى شيراز وأطاعه صاحبها برد الاتابك وأهدى له وكان أتابك فارس سعد بن زنكي قد استوحش من غياث الدين فاصطلحه جلال الدين وأصهر إليه في ابنته ثم سار إلى أصبهان فأطاعه القاضي ركن الدين مسعود يستعطفه وأهدى له سلب طولي خان بن جنكزخان الذي قتل في حرب بزوان كما مر وفرسه وسيفه ودس إلى الأمراء الذين معه بالاستمالة فمالوا إليه ووعدوه بالمظاهرة ونمى الخبر إلى غياث الدين فقبض على بعضهم ولحق الآخرون بجلال الدين فجاؤا به إلى المخيم فمال إليه أصحاب غياث الدين وعساكره واستولى على مخيمه وذخائره وأمه ولحق غياث الدين بقلعة سلوقان وعاتب جلال الدين أمه في فراره فاستدعته وأصلحت بينهما ووقف غياث الدين موقف الخدمة لأخيه السلطان جلال الدين وجاء المتغلبون بخراسان والعراق واذعنوا إلى الطاعة وكانوا من قبل مستبدين على غياث الدين فاختبر السلطان طاعتهم وعمل على شاكلتها والله أعلم.

.استيلاء ابن آبنايخ على نسا.

كان نصرة الدين بن محمد قد استولى على نسا بعد ابن عمه اختيار الدين كما مر واستناب في أموره محمد بن أحمد النسائي المنشي صاحب التاريخ المعتمد عليه في نقل أخبار خوارزم شاه وبينه فأقام فيها تسع عشرة سنة مستندا على غياث الدين ثم انتقض عليه وقطع الخطبة له فسرح إليه غياث الدين العساكر مع طوطي بن آبنايخ وأنجده بارسلان وكاتب المتغلبين بمساعدته فراجع نصرة الدين محمد بن حمزة نفسه وبعث نائبه محمد بن أحمد المنشي إلى غياث الدين بمال صالحه عليه فبلغه الخبر في طريقه بوصول جلال الدين واستيلائه على غياث الدين فأقام بأصبهان ينتظر صلاح السابلة وزوال الثلج ثم سار إلى همذان فوجد السلطان غائبا في غزو الاتابك بقطا بستي وكان من خبره أنه صهر إلى غياث الدين على أخته كما قدمنا فهرب بعد خلعه إلى أذربيجان واتفق هو والاتابك سعد وسار إليهما جلال الدين فخالفه الأمير ايغان طائسي إلى همذان وسار إلى جلال الدين وكبسه هنالك فأخذه ثم أمنه وعاد إلى مخيمه ولقيه وافد نصرة الدين على بلاد نسا وما يتاخمها وبعث إلى ابن آبنايخ بالافراج عن نسا ثم بلغ الخبر بعد يومين بهلاك نصرة الدين واستيلاء ابن آبنايخ على نسا.

.مسير السلطان جلال الدين على خوزستان ونواحي بغداد.

ولما استولى السلطان جلال الدين على أخيه غياث الدين واستقامت أموره سار إلى خوزستان شتيا وحاصر قاعدتها مظفر الدين وجه السبع مولى الخليفة الناصر وانتهت سراياه في الجهات إلى بادرايا وإلى البصرة فأوقع بهم تلكين نائب البصرة وجاءت عساكر الناصر مع مولاه جلال الدين قشتمر وخاموا عن اللقاء وأوفد ضياء الملك علاء الدين محمد بن مودود السوي العارض على الخليفة ببغداد عاتبا وكان في مقدمته جهان بهلوان فلقي في طريقه جمعا من العرب وعساكر الخليفة فرجع وأوقع بهم ورجعوا إلى بغداد وجيء بأسرى منهم إلى السلطان فأطلقهم واستعد أهل بغداد للحصار وسار السلطان إلى يعقوبا على سبع فراسخ من بغداد ثم إلى دقوقا فملكها عنوة وخربها وقاتلت بعوثه عسكر تكريت وترددت الرسل بينه وبين مظفر الدين صاحب اربل حتى اصطلحوا واضطربت البلد بسبب ذلك وأفسد العرب السابلة وأقام ضياء الملك ببغداد إلى أن ملك السلطان مراغة والله تعالى أعلم.